في رحاب آيـة
{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
إن معنى الجاهلية في ضوء هذه الآية ليس فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع، هذا الوضع يوجد بالأمس ويوجد اليوم ويوجد غدا فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام والمناقضة للإسلام . والناس في أي زمان وفي أي مكان إما أنهم يحكمون بشريعة الله دون فتنة عن بعض منها ويقبلونها ويسلمون بها تسليما فهم إذن في دين الله وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر في أي صورة من الصور ويقبلونها، فهم إذن في جاهلية وهم في دين من يحكمون بشريعته وليسوا بحال في دين الله والذي لا يبتغي حكم الله يبتغي حكم الجاهلية والذي يرفض شريعة الله يقبل شريعة الجاهلية ويعيش في الجاهلية. ثم يسألهم سؤال استنكار لابتغائهم حكم الجاهلية وسؤال تقرير لأفضلية حكم الله: "ومن أحسن من الله حكما لقوم يؤمنون" والجواب _بالطبع_: لا أحد أحسن حكما من الله عز وجل، خالق البشر، العالم بما يصلحهم وينفعهم، فينبغي لمن أيقن أن حكم الله أحسن من حكم البشر أن يلتزم بأمره ، وينفذ حكمه في واقع حياته ، ولا يكتفي بمجرد الإيمان دون التطبيق الفعلي وإلا كان زعمه كاذبا وادعاؤه غير صحيح.