في رحاب آيـة
{بل يداه مبسوطتان وَقَالَتِ الْيهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلّت أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسوطتَانِ يُنفِقُ كَيْف يَشاءُ}
هذه هي طبيعة اليهود المريضة : التطاول والتعدي على غيرهم . لا يفرقون في ذلك بين خالق ومخلوق فلقد امتد هذا التطاول إلى رب العزة جل جلاله وتقدست أسماؤه !!! فوصفوا الله تعالى بالفقر فقالوا: (إن الله فقير ونحن أغنياء) ، وافتروا على الله الكذب وحرفوا في كتبه فقال تعالى عنهم: (يحرفون الكلم عن مواضعه). وكذبوا وقاتلوا رسله فقال تعالى موبخًا لهم: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) ؟ . فكانت عاقبتهم قسوة القلب والطبع عليها (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) ، (بل طبع الله عليها بكفرهم) . وفي هذه الآية يصفون الله تعالى بالبخل والشح وعدم البذل...!!! فكيف ذلك ولم يضيق عليهم إلا بعد كفرهم وعنادهم وردهم لما بُعث به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فعاقبهم الله بما يستحقون، والجزاء من جنس العمل (غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا) أي أمسكت أيديهم عن الخيرات ، وقيل هو دعاء عليهم بالفقر والحاجة (ولعنوا بما قالوا) فمِنْ لَعْنِهِمْ: أنْ مسخوا قردة وخنازير، ومن لعنهم: أن جعلت قلوبهم قاسية ، ومن لعنهم: أن لهم في الآخرة عذاب النار خالدين مخلدين فيها وبئس المصير . ثم عقب بقوله : (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) فعبر سبحانه بالتثنية مع أنهم عبروا بالإفراد في قوله (يداه) ليكون رد قولهم أبلغ وأدل على إثبات غاية السخاء لله تعالى ونفي البخل عنه ، بل هو ينفق ما يشاء كيف يشاء ، فيضيق على الكافر ، ويوسع على المؤمن بأن يبارك له فيما يعطيه له ويرضيه به ، وذلك من كمال حكمته وقدرته سبحانه وتعالى عما يقولون علوًّا كبيراً