قصتننا اليوم عن فارسة وشاعرة فمن المعروف أن الفروسية ليست حكراً على الرجال دون النساء وتاريخنا حافل ببطلات من النساء في صدر الاسلام ،، وغيره من العصور وكتب التاريخ تشهد بذلك .
الشاعرة (وحيشة المشلحية ) في قصتها وقصيدتها نموذج فريد في الشجاعة والغيرة على الحمى والتحفيز على الذود عنه وشحذ همم الرجال .
حيث أن نسبها يرجع إلى الدغيرات من شمر وكان أهلها كغيرهم من البوادي لهم مراعي ولذات المراعي حدود ( حمى ) ولا يسمحون لأحد بالرعي فيها إلا بسابق إذن منهم حسب عاداتهم التي تعارفوا عليها في ذالك الوقت .
ولقد أمحلت الديار فإرتحل الكثير من رجالهم بحثا عن المراعي لحلالهم مخلفين النساء في الديار في موقع يقال له سقف من ضواحي (حائل) وكان زعيم قومها في ذلك الوقت فايز بن هذيل ومضى القوم في نزوحهم حتى وجدوا أرضاً بها عشب وماء من أراضي العراق يطلق عليها ( نقرة أيوب) فطاب لهم بها العيش فمكثوا بها وأغار قوم على مراعيهم السابقة استحلوا لأنفسم الديار والمراعي وكانت وحيشة بين النساء فلم ترضى بسلب ديارهم فأخذت تحرّض أهلها على الإستبسال في رد العدوان .
وأرسلت برسالة إلى شيخهم آنذاك فايز بن هذيل ضمنتها أبياتاً شعرية تستنفره هو ومن معه من الرجال وتحثهم على العودة إلى ديارهم وقالت
تقول وحيشة يا ملا ليه ما أشيب=غرس الجدود اللي غدا وقت الأفلاح
يا غيبة ابن هذيل يا غيبة الذيب=شفنا النكارا والنكد عقب ماراح
روّح على حمرا تجيبه تحاضيب=تجدع ايدينه بالخلا تقل زنّاح
حمرا هميم من خيار المناجيب=أكواعها عن لمسة الزور طفّاح
ركّابها من عزوتي من هل الطيب=ضد الحريب ان صاح بالنزل صيّاح
اربع ليال صدق ما هن تكاذيب=تلفي على ابن هذيل كسّاب الأمداح
يبكيك ( سقف) يا ذعار الأجانيب=يضوي عليه من الشعب كل مصلاح
جانا ضعنهم مع دبشهم جناديب=صار الخطر منهم علينا يالأرواح
عجّل علينا يا حصان الأطاليب=ياللي بمركاضك على الخيل مسراح
ولما وصلت الرسالة والأبيات وقرأها الشيخ فايز تذكّر قومه ومرابعة وزاد حزنه على ديارهم ومراتع إبلهم وقبل أن يستجمع شتات رجاله ويعود بهم كان الحزن قد جاوز المدى والذي لم يتحمله قلب الشيخ فايز فأخذ يتمتم بأبيات من الشعر حتى سقط على الأرض ميتاً قبل أن يتمها ومنها قوله
تحرّون ما مدّاد من (نقرة أيوب)=والقابلة يمسي حوال ( الغزالة)
من فوق مبري الذراعين منتـوب=أسبق من الشـيهان معلف عيالــه
وإلى أن يحين لنا الموعد مع سالفة وقصيدة أخرى تقبلوا تحياتي
ودمتم برعاية رب العزة والجلال