نحن لم نوهب الشهوة لنشبعها أكلاً و شرباً و مضاجعة و تكديساً للمطامع و الثروات .
و إنما وهبنا الشهوة لنقمعها و نكبحها و نصعد عليها كما نصعد على درج السلم .
فالجسد هو الضد الذي تؤكد الروح وجودها بقمعه و كبحه و ردعه و التسلق عليه .
و بقمع الجسد و ردعه و كبحه تسترد الروح هويتها كأميرة حاكمة .
و تعبر عن وجودها و تثبت نفسها و تستخلص ذاتها من قبضة الطين و تصبح جديرة بجنتها و ميراثها .
و ميراثها السماء كلها ، و مقعد الصدق إلى جوار الله .. و هذه هي السعادة الحقة .
أما إذا غلب حكم الطين و انتصرت الجبلة الحيوانية و قرن الإنسان ذاته الشريفة بالمادة الطبيعية
فقد هبط بنفسه إلى سجن الضرورات و إلى غلظة الآلية و إلى نار الطبيعة
التي تأكل بعضها بعضاً و أصبح منها و فيها و لها .
و تلك هاوية التعاسة و التمزق و الشتات .