الأخوة والأخوات أعضاء منتدانا الجميل رجال قبيلتي شيوخها شبابها أطفالها العيد فرحة العيد كلمة أبت إلا أن أكتبها لكم كلمة خالصة لوجه الله لا يشوبها حقد لا يشوبها بغضاء ليس فيها إحتقار لأحد كل ما أتمناه أن تتوحد القلوب وتصفو كل ما أتمناه أن تتوحد القبيلة بالتزاور والتواصل لا أن نعيش في بروج متعالين على البعض فالمسلمون سواسية ولا فرق بين غني وفقير إلا بالتقوى ولأننا في العيد فلا بد من التذكير فالعيد مظهرٌ من مظاهر الدين وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمة ومعانٍ جليلة وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها.
فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة لا يقولها المؤمن بلسانه فحسب ولكنها تعتلج في سرائره رضاً واطمئناناً وتنبلج في علانيته فرحاً وابتهاجاً وتُسفر بين نفوس المؤمنين بالبشر والأنس والطلاقة وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة.
والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ من وحي السماء عُنوانُها الزكاةُ والإحسانُ والتوسعة.
يتجلى العيد على الغني المُترف فينسى تعلقه بالمال وينزل من عليائِه متواضعاً للحق وللخلق ويذكرُ أن كل من حوله إخوانه وأعوانه فيمحو إساءة عام بإحسان يوم.
ويتجلى العيد على الفقير المُترب فيطرح همومه ويسمو من أفق كانت تصوره له أحلامهُ وينسى مكاره العام ومتاعبه وتمحو بشاشةُ العيد آثار الحقد والتبرم من نفسه وتنهرم لديه دواعي اليأس على حين تنتصر بواعث الرجاء.
والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ وتَسكُنُ إليه الجوارح وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ وتتنبّه له الشهوات.
والعيد في معناه الزمني قطعةٌ من الزمن خُصصَت لنسيان الهموم واطراح الكُلف واستجمام القوى الجاهدة في الحياة.
والعيد في معناه الإجتماعي يومُ الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح ويوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها فتجتمع بعد افتراق وتتصافى بعد كدر وتتصافح بعد انقباض.
وفي هذا كله تجديدٌ للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب والوفاء والإخاء.
وفيه أروعُ ما يُضفي على القلوب من الأنس وعلى النفوس من البهجة وعلى الأجسام من الراحة.
وفيه من المغزى الاجتماعي - أيضاً - تذكير لأنباء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين حتى تشملَ الفرحةُ بالعيد كل بيتٍ وتعمَّ النعمةُ كلَّ أسرة.
في العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة ويتنفس المختنقون في جو من السعة وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق ويتنعم الواجدون بأطايبه.
في العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان.
في العيد أحكام تقمع الهوى من ورائها حكمٌ تُغَذي العقل ومن تحتها أسرارٌ تُصَفي النفس ومن بين يديها ذكرياتٌ تثمر التأسي في الحق والخير وفي طيَّها عِبرٌ تُجلي الحقائق وموازينُ تقيم العدل بين الأصناف المتفاوتة بين البشر ومقاصدُ سديدةٌ في حفظ الوحدة وإصلاح الشأن ودروسٌ تطبيقيةٌ عالية في التضحية والإيثار والمحبة.
في العيد تظهر فضيلةُ الإخلاص مُستعلنة للجميع ويُهدي الناسُ بعضُهم إلى بعض هدايا القلوب المُخلصةِ المُحِبة وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.
في العيد تتسع روح الجوار وتمتد حتى يرجع البلدُ العظيم وكأنه لأهله دارٌ واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي.
في العيد تنطلق السجايا على فطرتها وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.
العيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ وتعظيمٌ للواحد القهار وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار.
والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات ومجال منافسة في المكرمات.
العيد في معناه الإسلامي جمال وجلال وتمام وكمال وربط واتصال وبشاشة تخالط القلوب واطمئنان يلازم الجنوب وبسط وانشراح وهجر للهموم واطراح وكأنه شبابٌ وخَطَتُه النُضرة أو غُصنٌ عاوده الربيع فوخَزًتهُ الخُضرةُ.
وليس السرُّ في العيد يومَهُ الذي يبتدى بطلوع الشمس وينتهي بغروبها وإنما السرُّ فيما يعمر ذلك اليوم من أعمال وما يغمره من إحسان وأفضال وما يغشى النفوس المستعدة للخير فيه من سمو وكمال فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في العيد لا اليومُ نفسهُ و لا شك وأنت تستعد أو قد استعددت للعيد أياً كنت أو أماً أوشاباً أو فتاة ولا ريب أنك قد أخذت أهبتك لكل ما يستلزمه العيد من لباس وطعام ونحوه فأضف إلى ذلك استعداداً تنال به شُكوراً وتزداد به صحيفتك نوراً استعداداً هو أكرم عند الله وأجدر في نظر الأُخوَّة والمروءة.
ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة من حولك من البؤساء والمعدمين من جيران أو أقربين أو نحوهم فتِّش عن هؤلاء وسَل عن حاجاتهم وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم.
وإن لم يُسعِدك المال فلا أقل من أن يسعدك المقالُ بالكلمة الطيبة والابتسامة الحانية والخفقة الطاهرة.
وتذكّر صببيحة العيد وأنت تقبل على والديك وتأنس بزوجك وإخوانك وأولادك وأحبابك وأقربائك فيجتمع الشمل على الطعام اللذيذ والشراب الطيب تذكَّر يتامى لا يجدون في تلك الصبيحة حنان الأب وأيامى قد فقدن ابتسامة الزوج وآباءً وأمهاتٍ حُرموا أولادهم وجموعاً كاثرة من إخوانك شردهم الطغيان ومزقهم كل ممزق فإذا هم بالعيد يشرقون بالدمع ويكتوون بالنار ويفقدون طعم الراحة والاستقرار.
وتذكّر في العيد وأنت تأوى إلى ظلك الظليل ومنزلك الواسع وفراشك الوثير تذكَّر إخواناً لك يفترشون الغبراء ويلتحفون الخضراء ويتضورون في العراء.
واستحضر أنك حين تأسو جراحهم وتسعى لسدِّ حاجتهم أنك إنما تسد حاجتك وتأسو جراحك (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [التوبة:71]، (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ ) [البقرة:272]، (و مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ) [فصلت:46]، و وكما قال عليه الصلاة والسلام { من نفّس عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } و { من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم } و { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر }.
ختاماً وبهذه المناسبة السعيدة يسرني أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وإلى جميع أفراد الأسرة المالكة وإلى الشعب السعودي النبيل بحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية باليمن والبركات ولكم مني أخوتي وأخواتي الأعضاء ولكل رجال القبيلة العريقة شيوخها وشبابها وأطفالها التهنئة الصادقة بحلول عيد الفطر السعيد وكل عام وأنتم ترفلون بثياب الصحة والعافية وعيدكم مباركم مجدداً .
دمتم برعاية رب العزة والجلال
.