تجارنا يكذبون علينا : عقارنا يسير عكس العالم

سأضع هذا الموضوع بين يدي مجلس الشورى، لندع المجلس هنا ونضعه أمام هيئة الإسكان،لا بل أمام هيئة كبار العلماء _ وجميعهم يعرف سوق العقار _ لا بل أمام وزارة التجارة فهي الجهة المشرعة لهكذا مشاكل.. بل دعوها تذهب إلى مقام مجلس الوزراء كي يناقشها في جلسة من جلساته.

كشف مؤشر "نيلسن لثقة المستهلك"، أن 56% من المستهلكين حول العالم يعتقدون أن بلدانهم تشهد ركوداً اقتصادياً، وأن هذه الثقة هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات ، متأثرة بأزمة الرهن العقاري ونقص السيولة!!

ودعونا هنا نضع لكم أحد أسباب فقدان الثقة لدينا في التحليل التالي: إذا أردت شراء شقة تسكن فيها أنت وعيالك مكونة من أربع غرف مع ملحقاتها فإنك ستدفع من 500 إلى 650 ألف ريال، أما الشقة المتوسطة والكبرى فستدفع ما لا يقل عن 800 ألف ريال. وبما أن الغالب منا يرغب في أن يعيش في بحبوحة فإنه سيبحث عن الشقق المتوسطة والكبرى هذا لمن يود فعلاً السكن، أما من يود الاستثمار فقد يذهب إلى الصغيرة فقد يحصل له على قرش أو قرشين كمكسب.. ولكن عندما ندقق في الطرفين سنلحظ أنهما مغبونان.. لماذا؟

سنفترض أن سعر الأرض 400 ألف ريال، وسعر العمار ( ثلاثة أدوار) 1.4 مليون ريال فإنك يا صاحب الملك دفعت مليون و800 ألف ريال.. أليس كذلك؟ لاحظوا هنا نقطة مهمة وهي أن المجمعات السكنية التي بنيت للاستثمار سيكون سعر أراضيها وسعر بناءها أقل!!

سأفترض أن سعر الشقة هنا في المتوسط 600 ألف ريال 600 * 6 عدد الشقق= 3.6 مليون ريال.. ومسكين صاحب العقار لم يربح سوى الضعف بينما شركات أخرى في مجالات عديدة تربح عشرات الأضعاف.. فهل يلامون أهل العقار؟

لو اشتريت الشقة لتأجيرها ودفعت فيها المبلغ أعلاه بعد كم سنة سأستعيد رأس مالي، سأفترض لك أن إيجار الشقة 30 ألف ريال، وفي هذه الحالة فإنك تحتاج إلى عشرين سنة كي تستعيد رأس مالك.. فيا.... أليس في ذلك غبن؟ وألا تقاس الأمور في هذه الحالة بمكيالين مكيال للتاجر الهامور وآخر لهذا المواطن الغلبان الذي يرغب في سكن له ولعائلته!!

إن المقاييس غير منطقية على الإطلاق.. والعقار ليس مثل الاتصالات، فالسكن ليس اختيارياً فالمرء مجبر عليه، بينما أن تحمل جوال أو لا تحمله فهذا يعود لك!!

فهل نعيد التفكير في هذه القفزة الغبية ـ والغبية جداً ـ للعقار؟ بل هل نقرأ مقولة المدير العالمي لقسم الأبحاث في شركة «نيلسن» ديفيد بارما التي يقول فيها: "الأشهر الستة الماضية كانت الأكثر اضطراباً بالنسبة الى الاقتصاد العالمي منذ عقود، في ظل الارتفاع الحاد في أسعار النفط وأسعار السلع ما يؤثر في أسعار الحاجات اليومية، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفائدة وازدياد التضخم. ويتزامن مع هبوط أسعار العقارات وضعف أسواق العمل وانخفاض الإنتاج الصناعي وارتفاع معدلات البطالة" لنعي أننا نسير عكس العالم ولا نسير معه مثلما يدعي أصحاب رؤوس الأموال، بدليل أن العقار في العالم في هبوط ولدينا في ارتفاع.


محمد الغامدي
صحفي سعودي