” |
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المها
عندما أنجبت وعشت معاناة الأمومة ومسئولياتها أدركت كم تعبت أمي في تربيتي أنا وأشقائي وأحسست أنني مهما فعلت فلن أوفيها حقها في البر والعرفان عبارة ترددها كثيرات لفظا أو تتردد داخلهن وهن يحترقن كشمعة دؤوب في أتون المسئوليات الأسرية يختطفن سويعات النوم ويدرن كنحلة طوال اليوم بين مطالب الزوج والأبناء يأكلن واقفات ليلحقن بمهام عاجلة لا تحتمل ترف الجلوس والراحة ويستيقظن والبيت كله غارق في دفء النوم ليؤدين ما عليهن من واجبات خاصة .
نعم كلنا نحس بمعاناة أبوينا في تربيتنا عندما ننجب سواء اعترفنا بذلك أم أبينا.. ثم ماذا ؟
السؤال مرير يفتح جروحا مغلقة قسرًا على قيح الجحود ، ويقتحم مناطق مزدحمة بدراما العقوق والتذرع بمشاغل الحياة تبريرًا لجريمة خذلان الأبوين والتخلي عنهما بعد أن يفنيا حياتهما لأجل صغار كبروا وتزوجوا وصاروا تروسًا في آلات بيوتهم الجديدة وانفصلوا جسدًا وروحًا عن البيت الكبير الذي شهد سنوات البراءة والحلم والدفء الأسري الجميل وما زال بابه الرحب مفتوحا أمام الأحباء الذين غادروه مستعدًا لاحتضانهم في أية لحظة حين يلوذون به طلبًا لهدنة من صراع الحياة أملا في استرجاع ذكريات جميلة أجبرتها المسئوليات الكبيرة على التقوقع في ركن بعيد من الذاكرة نقدر معاناة آبائنا ولكن قليلين هم من يحولون هذا التقدير إلى مواقف ملموسة وسلوكيات يومية معاشة وكثيرون يهزون أكتافهم مستهينين بجريمة العقوق التي يبررها لهم الشيطان ويؤمنون هم على تبريراته الواهية الوقحة .
إنها مفارقة تثير الفزع من الغد فالبر لا يبلى وأحداث الحياة المتلاحقة تقدم لنا كل يوم عشرات الأدلة على أن عقوق الوالدين جريمة معجلة العقوبة في الدنيا قبل الآخرة وتحذرنا من أن يجرفنا تيار العيش بعيدًا عن مرفأ رضا الصدرين الحبيبين اللذين احتويانا صغارًا وما زالا مستعدين لاحتوائنا كبارا مسئولين ومن أن نفرط ونتذرع ونهوِّن من فظاعة التخلي والخذلان لنندم وقت لا يجدي الندم .
أعرف سيدة أساءت معاملة أمها في مرضها الأخير والعياذ بالله وضجرت من القيام على خدمتها وكانت تضن عليها بالطعام والشراب حتى لا تضطر لتنظيفها بعد قضاء حاجتها على الفراش لعجزها عن الحركة وفي لحظات الاحتضار طلبت الأم العجوز كوب ماء فرفضت الابنة العاقة قائلة بفظاظة حسبي الله عليها : تشربين لتبولي على نفسك وأغرس أنا في هم لا ينقضي وماتت الأم عطشانة لتواصل الابنة حياتها وتكبر طفلتها فيعيد التاريخ نفسه وتذوق الأم ذات الكأس وتموت على فراش فقير مهمل ووحيدتها في المصيف مع أسرتها وحين يبلغونها بأن أمها في مرض الموت تقول باستهانة : وماذا بيدي أن أفعل الله معها ووجودي لن يؤخر أجلها ولكنه يضيع علىَّ متعة المصيف والنقود التي أنفقتها في حجز الشاليه !!
قد تكون هذه الوقعة شاذة غير قابلة للتكرار كثيرا ولكنها حدثت وكانت حلقة صدئة في سلسلة من مواقف العقوق المختلفة في درجة مرارتها وحمقها .
أسأل الله أن يعيننا ويعينكم على رعاية والدينا إنه سميع مجيب
وختاماً يعطيك العافية حد الرهيف واسمحل لأختك على الصراحة والإطالة
|
|
هلا اختى الكريمه المها ,, تشرفت بمرورك وتعليقك ,, ياهلا.