بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أحبابي كل منا ولا شك يشعر بأنه مقصر في تلاوة كتاب الله عز وجل وتدبر آياته ومعرفة معانيه وأحكامه ليعمل به .
لذلك شرعت في جمع وأعداد بعض النقاط والإشاره لمراحل مهمه أرى بأنها تساعد بإذن الله في تدبر القرآن راجياً من الحي المنان أن ينفع بها .
المتأمل في أحوال أمة القرآن : يجد أنهم في موقفهم من كتاب الله على ثلاثة أقسام :
الأول : أعرض عن كتاب الله وهؤلاء خصماء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامه
[ وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ] (30) الفرقان .
الثاني : يتلو كتاب الله تعالى : لكنه لم يستشعر عظمته ولم يدرك حقيقته ولم يقف على سلطانه
ولم يدر أين إعجازه .
الثالث : يراجع كتب التفسير وله همه في فهم كتاب الله لكنه يشعر بأنه ما زال بعيداً عن التدبر الحق
لهذا الكتاب العظيم .
وهذا القسم لابد أن يعي ويعلم فن التدبر من خلال هذه النقاط :-
1- لابد من اليقين التام أنك مع القرآن حي وبدونه ميت ، مبصر وبدونه أعمى ، مهتدي وبدونه ضال .
فلا بد من اليقين قال تعالى [ فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123)ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشرة يوم القيامة أعمى (124) طه .
وأعظم الذكر هو هذا الكتاب الخاتم .
فالقرآن هو الروح وبدونه أنت ميت [ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ] (52) الشورى .
وهو النور [ يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وإنزلنا إليكم نوراً مبينا ] (174) النساء .
2- الأصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى القلب .
القلب أمره جلل وهو سر من أسرار الله في الأرض كما قال القائل :
للقلب سر ليس يعرف قدره 000 إلا الذي أتاه للإنسان
ورحم الله أبن القيم إذ يقول في نونيته :
قطع المسافه بالقلوب إليه لا 000 بالسير فوق مقاعد الركبان
3- كيف نقرأ القرآن ؟
فكيفية القراءه لم تترك لنا بل جاء القرآن بالكيفية التي تكون عليها قراءته ومن ذلك :
قوله تعالى [ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا] (106) الاسراء .
فهذا أمر بالمكث وترك العجله عند القراءه .
وقال تعالى [ ورتل القرآن ترتيلا] (4) المزمل .
4- بأي القرآن نبدأ ؟
فمنهج النبي صلى اللهعليه وسلم هو تعليم الإيمان أولاً قبل تعليم الأحكام .
عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال : ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاروه فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فزددنا به إيمانا) اخرجه ابن ماجه وغيره قال في مصباح الزجاجه ج1/ص12 : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات .
قال تعالى [ أفمن كان على بينه من ربه ويتلوه شاهد منه ] (17) هود .
فالبينه من الله هي الإيمان والذي يتلوه هو شاهد القرآن .
وقال تعالى [ نور على نور يهدي لنوره من يشاء ] (35) النور .
النور الأول نور الإيمان والذي يأتي بعده هو نور القرآن .
5- كيف نستفيد من كتب التفسير ؟
كتب التفسير المناسبه كثيره والجمع بين كتابين هما :
ٍٍ المصباح المنير : وهو تفسير مختصر يعتني بالآثار ويرتبها وهو يفيد في بيان معنى الكلمه
عند السلف رضوان الله عليهم أجمعين .
فإن كان المصباح المنير فيه عسر : فزبدة التفسير للأشقر فيه نفع كبير .
والثاني : تيسير الكريم الرحمن للعلامه السعدي : لأنه يعتني بالمعاني العامه وبمسائل الإيمان والتربيه ونحو ذلك ، ويصرح بالعقيده الصحيحه وينبه على مخالفة المخالفين لها . وغير ذلك مما يحتاجه عموم المسلمين .
فيقرأ في ( المصباح ) أو ( زبدة التفسير ) فيأخذ معاني الكلمات .. ثم في تفسير السعدي فيأخذ المعاني العامه .
فإن شق على أحد أن يجمع بين كتابين فعليه بكتاب ( أيسر التفاسير ) فإنه جمع بين بيان اللفظ والمعنى وإن كان دون ما تقدم في التحرير لكنه مفيد .
ويعجب المرء من حال الأمه بالقرآن كما عجب أسلافنا من مقولٍ بليغ لعربي جاهلي صنديد
عنيد وهو يصف القرآن المجيد يقول : (( والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن وإن له لحلاوه وإن عليه لطلاوه وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه .
ولما تقرأ قول بليغ أعجمي ! فرنسي !!! ملحد !!! وهو جوزيف آرنست رنان زال - والله إنك لتعجب منهم ويبقى عجبك منا واسمع لما يقول :
تضم مكتبتي الآف الكتب السياسيه والاجتماعية والادبية وغيرها والتي لم أقرأها أكثر من مره واحده وما أكثر الكتب التي للزينه فقط ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائما هو كتاب المسلمين القرآن فكلما احسست بالاجهاد وأردت ان تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات طالعت القرآن حيث انني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثره لو أراد أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء فإن ذلك الكتاب هو القرآن لا غير إذ أن الكتب الأخرى ليست لها خصائص القرآن .
أليست هذه المقوله هي بنفسها مقوله الوليد بن المغيره ؟
فما الذي جعل الوليد وجوزيف ! يتفقان على أن القرآن ( يعلو ولا يعلى عليه ) .
إنه قول الله [ وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ] (4) الزخرف .
وما أجمل قول الشاطبي - رحمه الله - واصفاً كتاب الله قال في ألفيته المشهوره :
وإن كتاب الله أوثق شافع 0000 وأغنى غناءٍ واهبا متفضلاً
وخير جليس لايمل حديثه 0000 وتردادهُ يزداد فيه تجملاً
وحيث الفتى يرتاع في ظلكاته 0000 من القبر يلقاه سناً متهللاً
أخرج أبن شيبه والبيهقي في شعب الإيمان قال ابن مسعود : من أراد العلم فليثور القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين .
قال شمر : تثوير القرآن قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه .
وننبه هنا أن الفهم الحق الذي لابد منه نوعان :
1- فهم ذهني معرفي .
2- فهم قلبي إيماني .
والفهم الثاني هو الغايه والأول إنما هو وسيله .
قال الحسن البصري - رحمه الله - العلم نوعان :
1- علم في القلب فذاك العلم النافع .
2- وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه .
فتنبه إلى ذلك أخا القرآن
فإنه سور ما بين الفريقين .