منافع الذنوب !! إذا اقترنت بها توبة
قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : ( الذنب قد يكون أنفع للعبد إذا اقترنت به التّوبة من كثير من الطّاعات ، وهذا معنى قول بعض السلف : قد يعمل العبد الذنب فيدخل به الجنّة ، قالوا : كيف ذلك ؟ قال : يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه إن قام وإن قعد وإن مشى : ذكر ذنبه فيحدث له انكساراً وتوبة واستغفاراً وندماً فيكون ذلك سبب نجاته .
فيكون الذّنب موجباً لترتّب طاعات ومعاملات وحسنات قلبيّة كخوف الله والحياء منه والإطراق بين يديه منكساً خجلاً مستقيلاً ربّه .
فإذا أراد الله بالعبد المتكبّر المعجب بنفسه خيراً ألقاه في ذنب يكسره به ويعرفه قدره ويستخرج به منه داء العجب والكبر ، كما قيل بلسان الحال في قصّة آدم وخروجه من الجنّة :
يا آدم لا تجزع من كأس زللٍ كانت سبب كيسِك فقد استُخرج بها منك داء لا يصلح أن تجاورنا به وأُلبست حلّة العبوديّة .
يا آدم ، إنّما ابتليتك لأنّي أحبّ أن أظهر فضلي وجودي وكرمي على من عصاني .
يا آدم ، كنت تدخل عليّ دخول الملوك على الملوك ، واليوم تدخل عليّ دخول العبيد على الملوك .
يا آدم ، إذا عصمتك وعصمت بنيك من الذّنوب ، فعلى من أجود بحلمي ؟ وعلى من أجود بعفوي ومغفرتي وتوبتي وأنا التّوّاب الرّحيم ؟
يا آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها، فلك خلقتها ، وما أهبطتك منها إلاّ لتتوسّل إليّ في الصّعود ، وما أخرجتك منها نفياً لك عنها ، ما أخرجتك منها إلاّ لتعود .
يا آدم ، ذنب تذلّ به لدينا أحبّ إلينا من طاعة تدلّ بها علينا .
يا آدم أنين المذنبين أحبّ إلينا من تسبيح المدلّين ).